المهندس جان لوي قرداحي سياسي لبناني ورجل أعمال. وُلد في ٣٠ تموز ١٩٦٢ في مدينة جبيل، محافظة جبل لبنان. متأهّل من السيدة غوزين أوزايدين ولهما ولدان لويس ولارا.
أنهى تعليمه الثانوي في معهد الإخوة المريميـين، ثم التحق بجامعة البوليتكنيك الفدرالية لوزان –– (EPFL) في سويسرا، ونال شهادته عام ١٩٨٦. بدأ حياته المهنيـة في فرنسا، وتولّى إدارة عـدد من الشركات الفرنسية.
على الرّغم من تواجده خارج لبنان، لم ينقطع جان لوي قرداحي يومًا عن التعاطي في الشأن العام اللبناني، فقد ورث حيثيّته السياسية والوطنية من عائلته، لاسيما والده المهندس لويس قرداحي، الذي كان من مؤسسي حركة التضامن الجبيلي وصاحب الثقل الاجتماعي والثقافي والسياسي في منطقة جبيل.
بعد رحيل والده، قرّر جان لوي قرداحي العودة الى لبنان في العام ١٩٩٢ ليستكمل مسيرته المهنية. استلم إدارة شركة لويس قرداحي للهندسة والتعهدات، التي قامت بتنفيذ عدد من المشاريع المعمارية الضخمة، وانتُخب في العام ١٩٩٣عضوًا في مجلس إدارة نقابة متعهّدي الأشغال العامة.
تقديرًا لموقع مدينة جبيل وطابعها الأثري والثقافي، بادر جان لوي عام ١٩٩٢، بالتعاون مع أفراد عائلته، بتجميع التحف التي تروي تاريخ المدينة الحضاري من جميع أنحاء العالم، ولاسيما الاستحصال على نسخ طبق الأصل من متحف اللوفر – فرنسا، واضعًا بها حجر الأساس لمؤسسة لويس قرداحي الثقافية التي لا تتوخّى الرّبح المادي، وذلك تخليدًا لذكرى الأب لويس، الذي هام بجبيل وكان ناشطًا في أعمال الإنماء والبناء والانعاش، وهو أوّل من شيّد مدرسة ثانوية في جبيل على نفقته. وفي العام ١٩٩٥ تم افتتاح المؤسسة، التي ارتفعت مداميكها شامخة في المدينة الأثرية، لتأرشف تاريخ لبنان إنطلاقًا من مدينة جبيـل- بيبلوس مهد الحضارات. وفي العام ٢٠١٣ مُنحت المؤسسة للجامعة اللبنانية الأميركية؛ وهي حاملة مشعل المعرفة والقادرة على استكمال العمل الثقافي في المؤسسة على خطى ما أرادته العائلة.
إلتزم جان لوي قرداحي بالنهج المنفتح والخط المعتدل، ولم يكن في الواجهة وتحت الأضواء يومًا؛ بل في وجدان الجبيليين وضميرهم، فانتُخب عام ١٩٩٨ رئيسًا لمجلس بلدية جبيل، ليستحق من بعدها رئاسة اتحاد بلديات القضاء عام ١٩٩٩.
جان لوي قرداحي صاحب رؤية هادفة لمدينة جبيل، وقد سعى لتحقيقها من خلال عمله البلدي، فخطط لبيئة حضارية، ورسم التصاميم لتوجيه وتطوير المرافق والبنى التحتية ومداخل المدينة، تمهيدًا لحياة أفضل لأهالي جبيل. شجّع السياحة الثقافية والبيئية في مدينة وقضاء جبيل، فأنشأ عددًا من المؤسسات العامة التي تتعاطى الشأن الثقافي والاجتماعي، نذكر منها، المركز الدولي لعلوم الانسان في العام ١٩٩٩ الذي استتبع بتوسيع مناطق المشاة وبإنشاء ساحة الأونسكو عند مدخل المركز، ما دفع منظمة الأونسكو حينها إلى إعلان مدينة جبيل “رسولة لحضارة السلام واللاعنف ” من ضمن سبعة مواقع في العالم. أطلق قرداحي بالتعاون مع البنك الدولي برنامج الإرث الثقافي لتفعيل السياحة والعجلة الاقتصادية، كما دعم لجنة مهرجانات جبيل وأعاد هيكليّتها لتطلق شعلة الحياة الفنية في أروقة المدينة القديمة.
المهندس جان لوي قرداحي عُيّن وزيرًا للإتصالات، لثلاث مرّات متتالية، من تشرين الأول ٢٠٠٠ ولغاية نيسان ٢٠٠٥. وفي هذه الفترة كان قرداحي الصوت المعارض للسياسات الاقتصادية الريعيّة السائدة. أنجز قانون للاتصالات يقضي بتحرير القطاع وتنظيمه، وقام بتوسعة شبكتي الخليوي والثابت لتحسين نوعية الخدمات على مستوى كافة المناطق اللبنانية إيمانًا منه بالتنمية والإنماء المتوازن؛ قال عنه رئيس مجلس النوّاب الأستاذ نبيه برّي بأنّه الوزير الذي لم يميّز بين جبيل معقله وبنت جبيل في الجنوب. عمل الوزير قرداحي على تحويل القطاع من قطاع ضرائبي الى قطاع انتاجي بإمتياز، فسجّل زيادة كبيرة في الايرادات والتحويلات الى خزينة الدولة متمسّكًا بتطبيق القوانين ومحاربة الفساد، أخرج السياسيين من القطاع للحفاظ على موارد الدولة لصالح الناس.
استحقّ وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور.
قبل ٤٤ يومًا من الانتخابات النيابية ٢٠١٨، أطلق جان لوي قرداحي حركة التضامن الوطني. مبادرة فيها من الجرأة ما يكفي لخلق مساحات حوار وتفاهم في ظل تراجع الخطاب السياسي في منطقتي جبيل وكسروان اللتين لطالما نبذتا التطرّف وكانتا نموذجًا للعيش الواحد.
وترفض الحركة في ميثاقها فرز الشعب على أساس مذهبي أو طائفي، وتتمسك بالمجتمع التعدّدي والعيش الواحد الذي يضمن استقرار البلاد وانعكاساته الإيجابية على الأوضاع الاقتصادية. كما تُعارض الحركة النظام الاقتصادي الريعي القائم في لبنان منذ اتّفاق الطائف، والذي فشل في تأمين الرفاهية والعيش الكريم للمواطن.
وترسيخًا لمبادئ حركة التضامن الوطني، خاض الوزير السابق جان لوي قرداحي الانتخابات النيابية في ٦ أيّار ٢٠١٨، بتشكيل لائحة مكتملة من المستقلين عن دائرة كسروان – جبيل، والتي ضمّت مرشح الثنائي الشيعي عن المقعد الشيعي، غير أن لائحة التضامن الوطني لم يُكتب لها النجاح.
جان لوي قرداحي يلعب دورًا فاعلاً في الحياة الاجتماعية والإنمائية. هو من مؤسسي نادي بيبلوس الرياضي عام ١٩٨١. يترأس حاليًّا جمعية أصدقاء بيبلوس، وهو عضو في الرابطة المارونية، وفي المجلس الثقافي في بلاد جبيل، والتعاونيـة اللبنـانيـة للتنميـة، وجمعية فرسان مالطـة؛ التي تُعتبر من أقدم الفروسية الشهمة الباقية في العالم، والتي تدعم الوجود المسيحي في الأراضي المقدّسة.